الهداية
صفحة 1 من اصل 1
الهداية
قال عمرو بن قيس: إذا بلغك شيء من الخير فأعمل به و لو مرة تكن من أهله... أنهيتُ دراستي في المعهد الصحي بعد مشقة .. فلم أكن منضبطاً في دراستي .. و لكن الله سبحانه يسر لي التخرج.. و عينت في أحد المستشفيات القريبة من مدينتي.. الحمد لله أموري متيسرة .. و أعيش بين والديّ. قررت أن أجمع مهراً لزوجتي.. و هو ما تحثني عليه والدتي كل يوم..
كان العمل يسير بشكل جدّي و مرتب.. خاصة أن عملي في مستشفى عسكري.. كنت أحب الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحاً طيباً.. مقارنة بدراستي النظرية المملّة.. المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريباً.. و كانت علاقتي بهم علاقة عمل.. كما أنهم كانوا يستفيدون من وجودي معهم كابن للبلد.. فأنا دليلهم للمناطق الأثرية.. و الأسواق.. كما أنني كنت أذهب ببعضهم إلى مزرعتنا.. و كانت علاقتي بهم قوية.. و كالعادة.. عند نهاية عقد أحد الموظفين.. كنا نقوم بعمل حفلة توديع.. و في أحد الأيام قرر أحد الأطباء البريطانيين السفر إلى بلاده لانتهاء مدة عمله معنا.. تشاورنا في إقامة حفل وداع له.. و كان المكان المحدد هو مزرعتنا.. تم الترتيب بشكل عام.. و لكن كان يأخذ جل تفكيري.. ما هي الهدية التي سأقدمها له.. و بخاصة أنني عملت ملازماً له لفترة طويلة.. وجدت الهدية القيمة و المناسبة في نفس الوقت.. هذا الطبيب يهوى جمع القطع التراثية.. و بدون تعب و لا مشقة.. والدي لديه الكثير من هذه القطع.. فكان أن سألته.. و أخذت منه قطعة تراثية من صنع المنطقة قديماً.. و كان ابن عم لي حاضراً الحوار مع والدي.. و أضاف لماذا لا تأخذ له هدية على شكل كتاب عن الإسلام.. أخذت القطعة التراثية.. و لم آخذ كلام ابن عمي على محمل الجد.. إلا أن الله يسر لي الأمر بدون بذل جهد.. ذهبت من الغد لشراء الصحف و المجلات من المكتبة.. فوجدت كتاباً عن الإسلام باللغة الإنجليزية. عادت كلمات ابن عمي ترن في أذني.. راودتني فكرة شرائه خاصة أن سعره زهيد جداً.. أخذت الكتاب.. و يوم الاحتفال بتوديع زميلنا.. وضعت الكتاب وسط القطعة التراثية و كأني أخبئه.. قدمت هديتي.. و كان وداعاً مؤثراً.. فهذا الطبيب محبوب من جميع العاملين.. سافر صاحبنا.. مرت الأيام و الشهور سريعة.. تزوجت و رزقت طفلاً.. * ذات يوم وصلتني رسالة من بريطانيا.. قرأتها بتمهل فقد كانت باللغة الإنجليزية.. مبدئياً فهمت بعض محتوياتها.. و البعض لم أفهمه.. عرفت أنها من صديق قديم طالما عمل معنا و لكنني رجعت إلى ذاكرتي.. اسمه أول مرة اسمعه.. بل وغريب على سمعي (ديف الله) هذا هو اسمه.. أغلقت الرسالة أحاول أن أتذكر صديقاً اسمه (ديف الله) و لكنني عجزت عن تذكر شخص بهذا الاسم.. فتحت الرسالة قرأتها مرة أخرى.. بهدوء انسابت الحروف ببساطة و سهولة.. هذا جزء من رسالته.. الأخ الكريم ضيف الله.. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. لقد يسر الله لي الإسلام و هداني على يديك.. فلن أنسى صداقتك معي.. و سأدعو لك.. أتذكر الكتاب الذي أهديتني إياه عند سفري.. لقد قرأته ذات يوم و زادت لهفتي لمعرفة الكثير عن الإسلام.. و من توفيق الله لي أنني وجدت على غلافه عنوان ناشر الكتاب. فأرسلت إليهم أطلب المزيد.. فأرسلوا لي ما طلبت.. و الحمد لله شع نور الإسلام في قلبي.. و ذهبت للمركز الإسلامي و أعلنت إسلامي.. و غيرت اسمي من جون إلى (ضيف الله) أي إلى اسمك.. لأنك صاحب الفضل بعد الله.. كما أنني أرفق لك صورة من شهادة إشهار إسلامي.. و سأحاول القدوم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج.. أخوك في الإسلام.. ضيف الله.. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. أغلقت الرسالة.. بسرعة أعدت فتحها.. بدأت أقرأها من جديد.. هزتني الرسالة بقوة.. لأنني أشعر بالصدق في كل حرف من حروفها.. بكيت كثيراً.. كيف أن الله هدى رجلاً إلى الإسلام على يدي و أنا مقصر في حقه.. كتاب لا يساوي خمسة ريالات يهدي به الله رجلاً.. أصابني حزن.. و فرح. فرحت أن الله هداه للإسلام بدون جهد مني.. و حزنت كثيراً.. لأنني سألت نفسي أين أنا الفترة الماضية عن العاملين معي.. لم أدعُهم للإسلام.. لم أعُرفهم بهذا الدين.. و لا كلمة عن الإسلام تشهد لي يوم القيامة.. لقد حادثتهم كثيراً.. مازحتهم كثيراً.. و لكنني لم أحدثهم عن الإسلام لا قليلاً و لا كثيراً. هدى الله ضيف الله للإسلام.. و هداني إلى محاسبة نفسي و تقصيري في طاعته.. لن أحقر من المعروف شيئاً و لو كتاب بريال واحد فقط.. فكرت قليلاً لو أن كل مسلم أهدى من هم حوله كتاباً واحداً فقط.. ما يكون.. لكنني صدمت مرة أخرى.. من هول ما قرأت.. * بعض الحقائق عن أفريقيا تقول.. - تم جمع مبلغ 139ألف مليون دولار أمريكي في أمريكا لأغراض الكنيسة. - تم تجنيد 396800مبشر نصراني خلال نفس السنة.. - وُزّع من الإنجيل 112564400نسخة.. - بلغ عدد محطات الإذاعة و التلفزيون النصرانية 1620محطة.. هذه الإحصائية مأخوذة من المجلة الدولية لأبحاث التنصير الأمريكية.. العدد 1 مجلد 11-1987م.. تساءلت.. أين نحن.. على أقل الأحوال.. - كم سائق لدينا غير مسلم.. و كم خادمة لدينا غير مسلمة.. - كم… و كم.. ألمٌ تسبقه دمعة.. و لكن يبقى السؤال.. أين العمل.. أين العمل.. الوقت الضائع قال الحسن البصري: أدركت أقواماً كان أحدهُم أشحُ على عُمرةِ منه على دِرهَمة. طفلي الصغير منذ مساء أمس و صحته ليست على ما يرام.. عندما عدت مساء هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى.. رغم التعب و الإرهاق إلا أن التعب لأجله راحة. حملته و ذهبت.. لقد كان المنتظرون كثير.. ربما نتأخر أكثر من ساعة.. أخذت رقماً للدخول على الطبيب و توجهت للجلوس في غرفة الانتظار.. وجوه كثيرة مختلفة.. فيهم الصغير و فيهم الكبير.. الصمت يخيم على الجميع. يوجد عدد من الكتيبات الصغيرة استأثر بها بعض الإخوة. أجلت طرفي في الحاضرين.. البعض مغمض العينين لا تعرف فيم يفكر.. آخر يتابع نظرات الجميع.. آخرون تحس على وجوههم القلق و الملل من الانتظار. يقطع السكون الطويل.. صوت المنادي.. برقم كذا.. الفرحة على وجه المُنادَى.. يسير بخطوات سريعة.. ثم يرجع الصمت للجميع.. * لفت نظري شاب في مقتبل العمر.. لا يعنيه أي شيء حوله.. لقد كان معه مصحف جيب صغير.. يقرأ فيه.. لا يرفع طرفه.. نظرت إليه و لم أفكر في حاله كثيراً.. لكنني عندما طال انتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير عميق في أسلوب حياته و محافظته على الوقت. ساعة كاملة من عمري ماذا استفدت منها و أنا فارغ بلا عمل و لا شغل. بل انتظار ممل. أذّن المؤذن لصلاة المغرب.. ذهبنا للصلاة. في مصلى المستشفى.. حاولت أن أكون بجوار صاحب المصحف بعد أن أتممنا الصلاة سرت معه و أخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على وقته. و كان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً و هي أيام و ليالي تنقضي من أعمارنا دون أن نحس أو نندم.. قال… إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط عندما حثّه صديق له بالمحافظة على الوقت. و أخبرني… أنه يقرأ في الأوقات التي لا يستفاد منها كثيراً أضعاف ما يقرأ في المسجد أو في المنزل بل إن قراءته في المصحف زيادة عل الأجر و المثوبة إن شاء الله تقطع عليه الملل و التوتر.. و أضاف محدّثي قائلاً إنه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد على الساعة و النصف.. و سألني.. متى ستجد ساعة و نصف لتقرأ فيها القرآن.. تأملت.. كم من الأوقات تذهب سدى.. كم لحظة في حياتكَ تمر و لا تحسب لها حساب.. * بل كم من شهر يمر عليك و لا تقرأ القرآن.. أجلت ناظري.. وجدت أني محاسب و الزمن ليس بيدي.. فماذا انتظر؟. قطع تفكيري صوت المنادي.. ذهبت إلى الطبيب. أريد أن أحقق شيئاً الآن. بعد أن خرجت من المستشفى.. أسرعت إلى المكتبة.. اشتريت مصحفاً صغيراً.. قررت أن أحافظ على وقتي.. فكرت و أنا أضع المصحف في جيـبي. كم من شخص سيفعل ذلك.. و كم من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك.. دعاء لا شيء مما ترى تبقَى بشَاشتُه يبقى الإله و يودي المالُ و الولد تزوجت منذ ما يزيد على سبع سنين.. الحمد لله كل ما أنشده -من وجهة نظري- وجدته.. فأنا مستقر في عملي.. مستقر في زواجي.. لا أشكو إلا الملل.. فأنا و زوجتي لم نرزق أطفالاً.. و بدأ الملل.. و كثرت زيارات الأطباء.. كل جهد أعتقد أنني بذلته.. سافرت للداخل و الخارج.. عندما أسمع عن طبيب قادم متخصص في العقم.. أحجز لديه موعداً.. التحاليل كثيرة و الأدوية أكثر.. * و لكن لا فائدة.. أصبح أكثر حديثنا أنا و زوجتي في الطبيب الفلاني.. و ماذا قال.. و ما سنتوقع.. التوقعات تستمر لمدة سنة أو سنتين.. فمرحلة العلاج طويلة.. منهم من أخبرني أن العقم مني.. و البعض أفادنا أن العقم من زوجتي.. على كل حال.. سارت أيامنا مراجعة و بحث عن حل.. أصبح هاجس الطفل يسيطر على مشاعرنا.. و على الرغم من أنني أحاول أن لا أشعر زوجتي بذلك.. و لكن لابد أن تشعر بما يدور.. فالأسئلة كثيرة.. هناك من يسألها ماذا تنتظر.. و كأن الأمر بيدها.. منهم من ينصحها باسم طبيب في المكان الفلاني.. لقد ذهبت له فلانة و أنجبت طفلاً.. و فلانة.. و هكذا أصبح مجتمع زوجتي له نصيب كبير من الأسئلة.. لم يقل لنا أحد لماذا لا نتجه إلى الله و ندعوه دعوة صادقة.. سبع سنوات مضت و نحن نلهث وراء الأطباء و تركنا الدعاء.. و تركنا التوجه إلى الله. * ذات مساء عبرت طريقاً فإذا بشخص كفيف يريد أن يعبر الطريق.. فأمسكت بيده.. و عبرت به الجزء الأول من الطريق.. و وقفنا في المنتصف.. ننتظر خلو الشارع في الجهة الأخرى من السيارات.. و وجدها فرصة ليسألني.. بعد أن دعا لي بالتوفيق و الصحة.. هل أنت متزوج؟ فأجبته بنعم.. فأردف قائلاً.. ألك أبناء.. فقلت له لم يقدر الله ذلك.. منذ سبع سنين و نحن ننتظر الفرج.. عبرنا الطريق. و لما أردت أن أودعه قال لي.. يا بني لقد جرى لي ما جرى لك و أخذت أدعو في كل صلاة.. (رب لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين) و الحمد لله لي من الولد سبعة فضغط على يدي و قال. لا تنس الدعاء.. و لم أكن أحتاج إلى توصية.. فقد وجدت مفقوداً لي.. أخبرت زوجتي بما حدث لي.. وتجاذبنا الحديث. أين نحن عن الدعاء كل شيء بحثنا عنه و جربناه.. و كل طبيب نسمع به طرقنا بابه.. * فلماذا لا نطرق باب الله؟ و هو أوسع الأبواب و أقربها.. تذكرت زوجتي أن امرأة مسنة قد قالت لها منذ سنتين.. عليك بالدعاء.. و لكن كما قالت زوجتي.. كان في ذلك الوقت لدينا مواعيد لا حد لها مع الأطباء.. أصبحت مراجعاتنا للأطباء مراجعة عادية بدون تلهف و بدون قلق.. مراجعات عادية.. نبحث عن علاج محدد فقط.. يكون سبباً من الأسباب.. و توجهنا إلى الله بقلوبنا.. في الصلوات المكتوبة و في جوف الليل.. تحرينا أوقات الإجابة.. و لم يخب الظن.. و لم نُردَ.. بل فتح الله باب الإجابة.. و حملت زوجتي.. و وضعت طفلة.. تبارك الله أحسن الخالقين.. لم نخف الفرح و لا السرور.. و لكننا الآن نردد.. ((ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و أجعلنا للمتقين إماما)). (المصدر/الزمن القادم….الكاتب/عبدالملك القاسم)
كان العمل يسير بشكل جدّي و مرتب.. خاصة أن عملي في مستشفى عسكري.. كنت أحب الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحاً طيباً.. مقارنة بدراستي النظرية المملّة.. المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريباً.. و كانت علاقتي بهم علاقة عمل.. كما أنهم كانوا يستفيدون من وجودي معهم كابن للبلد.. فأنا دليلهم للمناطق الأثرية.. و الأسواق.. كما أنني كنت أذهب ببعضهم إلى مزرعتنا.. و كانت علاقتي بهم قوية.. و كالعادة.. عند نهاية عقد أحد الموظفين.. كنا نقوم بعمل حفلة توديع.. و في أحد الأيام قرر أحد الأطباء البريطانيين السفر إلى بلاده لانتهاء مدة عمله معنا.. تشاورنا في إقامة حفل وداع له.. و كان المكان المحدد هو مزرعتنا.. تم الترتيب بشكل عام.. و لكن كان يأخذ جل تفكيري.. ما هي الهدية التي سأقدمها له.. و بخاصة أنني عملت ملازماً له لفترة طويلة.. وجدت الهدية القيمة و المناسبة في نفس الوقت.. هذا الطبيب يهوى جمع القطع التراثية.. و بدون تعب و لا مشقة.. والدي لديه الكثير من هذه القطع.. فكان أن سألته.. و أخذت منه قطعة تراثية من صنع المنطقة قديماً.. و كان ابن عم لي حاضراً الحوار مع والدي.. و أضاف لماذا لا تأخذ له هدية على شكل كتاب عن الإسلام.. أخذت القطعة التراثية.. و لم آخذ كلام ابن عمي على محمل الجد.. إلا أن الله يسر لي الأمر بدون بذل جهد.. ذهبت من الغد لشراء الصحف و المجلات من المكتبة.. فوجدت كتاباً عن الإسلام باللغة الإنجليزية. عادت كلمات ابن عمي ترن في أذني.. راودتني فكرة شرائه خاصة أن سعره زهيد جداً.. أخذت الكتاب.. و يوم الاحتفال بتوديع زميلنا.. وضعت الكتاب وسط القطعة التراثية و كأني أخبئه.. قدمت هديتي.. و كان وداعاً مؤثراً.. فهذا الطبيب محبوب من جميع العاملين.. سافر صاحبنا.. مرت الأيام و الشهور سريعة.. تزوجت و رزقت طفلاً.. * ذات يوم وصلتني رسالة من بريطانيا.. قرأتها بتمهل فقد كانت باللغة الإنجليزية.. مبدئياً فهمت بعض محتوياتها.. و البعض لم أفهمه.. عرفت أنها من صديق قديم طالما عمل معنا و لكنني رجعت إلى ذاكرتي.. اسمه أول مرة اسمعه.. بل وغريب على سمعي (ديف الله) هذا هو اسمه.. أغلقت الرسالة أحاول أن أتذكر صديقاً اسمه (ديف الله) و لكنني عجزت عن تذكر شخص بهذا الاسم.. فتحت الرسالة قرأتها مرة أخرى.. بهدوء انسابت الحروف ببساطة و سهولة.. هذا جزء من رسالته.. الأخ الكريم ضيف الله.. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.. لقد يسر الله لي الإسلام و هداني على يديك.. فلن أنسى صداقتك معي.. و سأدعو لك.. أتذكر الكتاب الذي أهديتني إياه عند سفري.. لقد قرأته ذات يوم و زادت لهفتي لمعرفة الكثير عن الإسلام.. و من توفيق الله لي أنني وجدت على غلافه عنوان ناشر الكتاب. فأرسلت إليهم أطلب المزيد.. فأرسلوا لي ما طلبت.. و الحمد لله شع نور الإسلام في قلبي.. و ذهبت للمركز الإسلامي و أعلنت إسلامي.. و غيرت اسمي من جون إلى (ضيف الله) أي إلى اسمك.. لأنك صاحب الفضل بعد الله.. كما أنني أرفق لك صورة من شهادة إشهار إسلامي.. و سأحاول القدوم إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج.. أخوك في الإسلام.. ضيف الله.. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. أغلقت الرسالة.. بسرعة أعدت فتحها.. بدأت أقرأها من جديد.. هزتني الرسالة بقوة.. لأنني أشعر بالصدق في كل حرف من حروفها.. بكيت كثيراً.. كيف أن الله هدى رجلاً إلى الإسلام على يدي و أنا مقصر في حقه.. كتاب لا يساوي خمسة ريالات يهدي به الله رجلاً.. أصابني حزن.. و فرح. فرحت أن الله هداه للإسلام بدون جهد مني.. و حزنت كثيراً.. لأنني سألت نفسي أين أنا الفترة الماضية عن العاملين معي.. لم أدعُهم للإسلام.. لم أعُرفهم بهذا الدين.. و لا كلمة عن الإسلام تشهد لي يوم القيامة.. لقد حادثتهم كثيراً.. مازحتهم كثيراً.. و لكنني لم أحدثهم عن الإسلام لا قليلاً و لا كثيراً. هدى الله ضيف الله للإسلام.. و هداني إلى محاسبة نفسي و تقصيري في طاعته.. لن أحقر من المعروف شيئاً و لو كتاب بريال واحد فقط.. فكرت قليلاً لو أن كل مسلم أهدى من هم حوله كتاباً واحداً فقط.. ما يكون.. لكنني صدمت مرة أخرى.. من هول ما قرأت.. * بعض الحقائق عن أفريقيا تقول.. - تم جمع مبلغ 139ألف مليون دولار أمريكي في أمريكا لأغراض الكنيسة. - تم تجنيد 396800مبشر نصراني خلال نفس السنة.. - وُزّع من الإنجيل 112564400نسخة.. - بلغ عدد محطات الإذاعة و التلفزيون النصرانية 1620محطة.. هذه الإحصائية مأخوذة من المجلة الدولية لأبحاث التنصير الأمريكية.. العدد 1 مجلد 11-1987م.. تساءلت.. أين نحن.. على أقل الأحوال.. - كم سائق لدينا غير مسلم.. و كم خادمة لدينا غير مسلمة.. - كم… و كم.. ألمٌ تسبقه دمعة.. و لكن يبقى السؤال.. أين العمل.. أين العمل.. الوقت الضائع قال الحسن البصري: أدركت أقواماً كان أحدهُم أشحُ على عُمرةِ منه على دِرهَمة. طفلي الصغير منذ مساء أمس و صحته ليست على ما يرام.. عندما عدت مساء هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى.. رغم التعب و الإرهاق إلا أن التعب لأجله راحة. حملته و ذهبت.. لقد كان المنتظرون كثير.. ربما نتأخر أكثر من ساعة.. أخذت رقماً للدخول على الطبيب و توجهت للجلوس في غرفة الانتظار.. وجوه كثيرة مختلفة.. فيهم الصغير و فيهم الكبير.. الصمت يخيم على الجميع. يوجد عدد من الكتيبات الصغيرة استأثر بها بعض الإخوة. أجلت طرفي في الحاضرين.. البعض مغمض العينين لا تعرف فيم يفكر.. آخر يتابع نظرات الجميع.. آخرون تحس على وجوههم القلق و الملل من الانتظار. يقطع السكون الطويل.. صوت المنادي.. برقم كذا.. الفرحة على وجه المُنادَى.. يسير بخطوات سريعة.. ثم يرجع الصمت للجميع.. * لفت نظري شاب في مقتبل العمر.. لا يعنيه أي شيء حوله.. لقد كان معه مصحف جيب صغير.. يقرأ فيه.. لا يرفع طرفه.. نظرت إليه و لم أفكر في حاله كثيراً.. لكنني عندما طال انتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير عميق في أسلوب حياته و محافظته على الوقت. ساعة كاملة من عمري ماذا استفدت منها و أنا فارغ بلا عمل و لا شغل. بل انتظار ممل. أذّن المؤذن لصلاة المغرب.. ذهبنا للصلاة. في مصلى المستشفى.. حاولت أن أكون بجوار صاحب المصحف بعد أن أتممنا الصلاة سرت معه و أخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على وقته. و كان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً و هي أيام و ليالي تنقضي من أعمارنا دون أن نحس أو نندم.. قال… إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط عندما حثّه صديق له بالمحافظة على الوقت. و أخبرني… أنه يقرأ في الأوقات التي لا يستفاد منها كثيراً أضعاف ما يقرأ في المسجد أو في المنزل بل إن قراءته في المصحف زيادة عل الأجر و المثوبة إن شاء الله تقطع عليه الملل و التوتر.. و أضاف محدّثي قائلاً إنه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد على الساعة و النصف.. و سألني.. متى ستجد ساعة و نصف لتقرأ فيها القرآن.. تأملت.. كم من الأوقات تذهب سدى.. كم لحظة في حياتكَ تمر و لا تحسب لها حساب.. * بل كم من شهر يمر عليك و لا تقرأ القرآن.. أجلت ناظري.. وجدت أني محاسب و الزمن ليس بيدي.. فماذا انتظر؟. قطع تفكيري صوت المنادي.. ذهبت إلى الطبيب. أريد أن أحقق شيئاً الآن. بعد أن خرجت من المستشفى.. أسرعت إلى المكتبة.. اشتريت مصحفاً صغيراً.. قررت أن أحافظ على وقتي.. فكرت و أنا أضع المصحف في جيـبي. كم من شخص سيفعل ذلك.. و كم من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك.. دعاء لا شيء مما ترى تبقَى بشَاشتُه يبقى الإله و يودي المالُ و الولد تزوجت منذ ما يزيد على سبع سنين.. الحمد لله كل ما أنشده -من وجهة نظري- وجدته.. فأنا مستقر في عملي.. مستقر في زواجي.. لا أشكو إلا الملل.. فأنا و زوجتي لم نرزق أطفالاً.. و بدأ الملل.. و كثرت زيارات الأطباء.. كل جهد أعتقد أنني بذلته.. سافرت للداخل و الخارج.. عندما أسمع عن طبيب قادم متخصص في العقم.. أحجز لديه موعداً.. التحاليل كثيرة و الأدوية أكثر.. * و لكن لا فائدة.. أصبح أكثر حديثنا أنا و زوجتي في الطبيب الفلاني.. و ماذا قال.. و ما سنتوقع.. التوقعات تستمر لمدة سنة أو سنتين.. فمرحلة العلاج طويلة.. منهم من أخبرني أن العقم مني.. و البعض أفادنا أن العقم من زوجتي.. على كل حال.. سارت أيامنا مراجعة و بحث عن حل.. أصبح هاجس الطفل يسيطر على مشاعرنا.. و على الرغم من أنني أحاول أن لا أشعر زوجتي بذلك.. و لكن لابد أن تشعر بما يدور.. فالأسئلة كثيرة.. هناك من يسألها ماذا تنتظر.. و كأن الأمر بيدها.. منهم من ينصحها باسم طبيب في المكان الفلاني.. لقد ذهبت له فلانة و أنجبت طفلاً.. و فلانة.. و هكذا أصبح مجتمع زوجتي له نصيب كبير من الأسئلة.. لم يقل لنا أحد لماذا لا نتجه إلى الله و ندعوه دعوة صادقة.. سبع سنوات مضت و نحن نلهث وراء الأطباء و تركنا الدعاء.. و تركنا التوجه إلى الله. * ذات مساء عبرت طريقاً فإذا بشخص كفيف يريد أن يعبر الطريق.. فأمسكت بيده.. و عبرت به الجزء الأول من الطريق.. و وقفنا في المنتصف.. ننتظر خلو الشارع في الجهة الأخرى من السيارات.. و وجدها فرصة ليسألني.. بعد أن دعا لي بالتوفيق و الصحة.. هل أنت متزوج؟ فأجبته بنعم.. فأردف قائلاً.. ألك أبناء.. فقلت له لم يقدر الله ذلك.. منذ سبع سنين و نحن ننتظر الفرج.. عبرنا الطريق. و لما أردت أن أودعه قال لي.. يا بني لقد جرى لي ما جرى لك و أخذت أدعو في كل صلاة.. (رب لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين) و الحمد لله لي من الولد سبعة فضغط على يدي و قال. لا تنس الدعاء.. و لم أكن أحتاج إلى توصية.. فقد وجدت مفقوداً لي.. أخبرت زوجتي بما حدث لي.. وتجاذبنا الحديث. أين نحن عن الدعاء كل شيء بحثنا عنه و جربناه.. و كل طبيب نسمع به طرقنا بابه.. * فلماذا لا نطرق باب الله؟ و هو أوسع الأبواب و أقربها.. تذكرت زوجتي أن امرأة مسنة قد قالت لها منذ سنتين.. عليك بالدعاء.. و لكن كما قالت زوجتي.. كان في ذلك الوقت لدينا مواعيد لا حد لها مع الأطباء.. أصبحت مراجعاتنا للأطباء مراجعة عادية بدون تلهف و بدون قلق.. مراجعات عادية.. نبحث عن علاج محدد فقط.. يكون سبباً من الأسباب.. و توجهنا إلى الله بقلوبنا.. في الصلوات المكتوبة و في جوف الليل.. تحرينا أوقات الإجابة.. و لم يخب الظن.. و لم نُردَ.. بل فتح الله باب الإجابة.. و حملت زوجتي.. و وضعت طفلة.. تبارك الله أحسن الخالقين.. لم نخف الفرح و لا السرور.. و لكننا الآن نردد.. ((ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و أجعلنا للمتقين إماما)). (المصدر/الزمن القادم….الكاتب/عبدالملك القاسم)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى