المعتصم بالله !
صفحة 1 من اصل 1
المعتصم بالله !
"خرج توفيل بن ميخايل ملك الروم إلى بلاد المسلمين في سنة ثلاث و عشرين و مئتين , و أوقع بأهل زبطرة و غيرها , و يقال : قتل من بها من رجال و سبى الذرية و النساء , و أغار على أهل ملطية و غيرها من حصون المسلمين , و سبى المسلمات , و مثل بمن صار في يده من المسلمين و سمل أعينهم , و قطع أنوفهم و آذانهم .
فبلغ الخبر المعتصم فاستعظمه , و كبر لديه , و بلغه أيضاً أن إمرأة هاشمية صاحت و هي أسيرة في يد الروم :
وا معتصماه !
فأجابها و هو جالس على سريره :
لبيك لبيك !
و نهض من ساعته , و صاح في قصره :
النفير النفير
ثم ركب دابته , و سمّط خلفه حقيبة فيها زاده , فلم يمكنه المسير إلا بعد التعبئة , و جمع العساكر , فجلس في دار العامة و أحضر قاضي بغداد و آخرين من أهل العدل , فأشهدهم على ماله فجعل ثلثاً لولده و ثلثاً لله تعالى و ثلثاً لمواليه .
ثم سار فعسكر بغربي دجلة لليلتين خلتا من جمادى الأولى و و وجه مجموعة من قواده إلى زبطرة معونة لأهلها , فوجدوا ملك الروم قد إنصرف عنها إلى بلاده , بعدما فعل ما فعل , فوقفوا حتى تراجع الناس إلى قراهم و اطمأنوا .
فلما ظفر المعتصم ببابك قال : أي بلاد الروم أمنع و أحصن ؟ فقيل : عمورية , لم يتعرض لها أحد منذ كان الإسلام , و هي عين النصرانية , و هي أشرف عندهم من القسطنطينية . فسار المعتصم إليها و قيل : كان مسيره في سنة اثنين و عشرين , و قيل : أربعة و عشرين , و تجهز جهازاً لم يتجهزه خليفة قبله قط من السلاح , و العدة و الآلة , غيرها
و لما علم بذلك الروم فقالوا :
و الله إنا لنروي أنه لا يفتحها إلا أولاد الزنا !
و إن هؤلاء أقاموا إلى زمان التين و العنب لا يفلت منهم أحداً !
فبلغ ذلك المعتصم فقال :
أما "إلى وقت التين و العنب " فأرجو أن ينصرني الله قبل ذلك , و أما" أن يفتحها أولاد الزنا " فما أريد أكثر ممن معي منهم
فجهز جيشه و أعد عدده و خرج للغزو .
و يقال : لما نزل المعتصم على عمورية هجم الشتاء , فأرسل إليه أهلها أن عمورية لا تفتح إلا بعد نضج التين و العنب .
و يقال : أن بعض من كان بعمورية من الرهبان قال :
إنا نجد في كتبنا أنه لا يفتح عمورية إلا ملك يغرس في ظهرها التين و الكرم , و يقيم حتى تثمر , فأمر المعتصم بأن يغرس التين و الكرم فكان فتحها قبل ذلك .
و يقول السيوطي : و كان لما تجهز المعتصم بالله لغزو عمورية حكم المنجمون أن ذلك طالع نحس , و أنه يكسر , فكان من نصره و ظفره ما لم يخفَ ( انظر : تاريخ الخلفاء ص 336 ) .
قلنا أن المعتصم تجهز جهازاً لم يتجهزه خليفة قط من السلاح و العدد , و توجه إلى بلاد الروم , فأقام عند نهر اللميس فيها , و هو عند سلوقية قريباً من البحر و أراد المعتصم أن يوقع الرعب في قلوب الروم قبل أن يصل إلى عمورية و لهذاّ دبّر النزول على أنقرة , فإذا فتحها الله عليه صار إلى عمورية , إذ لم يكن مما يقصد له في بلاد الروم أعظم من هاتين المدينتين , و الأحرى أن تجعل غايته التي يؤمها .
و تمكن من تدمير أنقرة أسر جنودها و قتل فرسانها و سبي نسائها ثم جعل العسكر ثلاث عساكر ميمنة و ميسرة و قلب و أمر كل عسكر أن يكون له ميمنة و ميسرة و امرهم ان يحرقوا القرى و يخربوها و بأخذوا من لحقوا فيها ففعلوا حتى وافوا عمورية , و داروا حولها و قام المعتصم بتقسيم عمورية بين قواده , و جعل لكل منهم أبراجا منها على قدر أصحابه , و علم أن موقعا من المدينة وقع سوره من سيل قد أتاه , فبني وجهه بالأحجار و لم يدعم ما وراءه فرأى المعتصم ذلك المكان فأمر فضربت له خيمة هناك و نصب المجانيق على ذلك الموضع , فانفرج السور عن ذلك الموضع و اندفع المسلمون و هم يكبرون , و تفرقت الروم عن أماكنها و قد غلبهم الرعب فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان حيث وجدوهم , و أخذ المسلمون من عمورية أموالاً لا تعد و لا توصف , فحملوا منها ما أمكن حمله , و أمر المعتصم بتهديم أبراجها , و إحراق ما بقي منها , و إحراق ما بقي من المجانيق و الآلات كي لا يتقوى بها الروم على شيء من حرب المسلمين , و كانت إقامته في عمورية خمسة و عشرين يوماً لا غير .
فبلغ الخبر المعتصم فاستعظمه , و كبر لديه , و بلغه أيضاً أن إمرأة هاشمية صاحت و هي أسيرة في يد الروم :
وا معتصماه !
فأجابها و هو جالس على سريره :
لبيك لبيك !
و نهض من ساعته , و صاح في قصره :
النفير النفير
ثم ركب دابته , و سمّط خلفه حقيبة فيها زاده , فلم يمكنه المسير إلا بعد التعبئة , و جمع العساكر , فجلس في دار العامة و أحضر قاضي بغداد و آخرين من أهل العدل , فأشهدهم على ماله فجعل ثلثاً لولده و ثلثاً لله تعالى و ثلثاً لمواليه .
ثم سار فعسكر بغربي دجلة لليلتين خلتا من جمادى الأولى و و وجه مجموعة من قواده إلى زبطرة معونة لأهلها , فوجدوا ملك الروم قد إنصرف عنها إلى بلاده , بعدما فعل ما فعل , فوقفوا حتى تراجع الناس إلى قراهم و اطمأنوا .
فلما ظفر المعتصم ببابك قال : أي بلاد الروم أمنع و أحصن ؟ فقيل : عمورية , لم يتعرض لها أحد منذ كان الإسلام , و هي عين النصرانية , و هي أشرف عندهم من القسطنطينية . فسار المعتصم إليها و قيل : كان مسيره في سنة اثنين و عشرين , و قيل : أربعة و عشرين , و تجهز جهازاً لم يتجهزه خليفة قبله قط من السلاح , و العدة و الآلة , غيرها
و لما علم بذلك الروم فقالوا :
و الله إنا لنروي أنه لا يفتحها إلا أولاد الزنا !
و إن هؤلاء أقاموا إلى زمان التين و العنب لا يفلت منهم أحداً !
فبلغ ذلك المعتصم فقال :
أما "إلى وقت التين و العنب " فأرجو أن ينصرني الله قبل ذلك , و أما" أن يفتحها أولاد الزنا " فما أريد أكثر ممن معي منهم
فجهز جيشه و أعد عدده و خرج للغزو .
و يقال : لما نزل المعتصم على عمورية هجم الشتاء , فأرسل إليه أهلها أن عمورية لا تفتح إلا بعد نضج التين و العنب .
و يقال : أن بعض من كان بعمورية من الرهبان قال :
إنا نجد في كتبنا أنه لا يفتح عمورية إلا ملك يغرس في ظهرها التين و الكرم , و يقيم حتى تثمر , فأمر المعتصم بأن يغرس التين و الكرم فكان فتحها قبل ذلك .
و يقول السيوطي : و كان لما تجهز المعتصم بالله لغزو عمورية حكم المنجمون أن ذلك طالع نحس , و أنه يكسر , فكان من نصره و ظفره ما لم يخفَ ( انظر : تاريخ الخلفاء ص 336 ) .
قلنا أن المعتصم تجهز جهازاً لم يتجهزه خليفة قط من السلاح و العدد , و توجه إلى بلاد الروم , فأقام عند نهر اللميس فيها , و هو عند سلوقية قريباً من البحر و أراد المعتصم أن يوقع الرعب في قلوب الروم قبل أن يصل إلى عمورية و لهذاّ دبّر النزول على أنقرة , فإذا فتحها الله عليه صار إلى عمورية , إذ لم يكن مما يقصد له في بلاد الروم أعظم من هاتين المدينتين , و الأحرى أن تجعل غايته التي يؤمها .
و تمكن من تدمير أنقرة أسر جنودها و قتل فرسانها و سبي نسائها ثم جعل العسكر ثلاث عساكر ميمنة و ميسرة و قلب و أمر كل عسكر أن يكون له ميمنة و ميسرة و امرهم ان يحرقوا القرى و يخربوها و بأخذوا من لحقوا فيها ففعلوا حتى وافوا عمورية , و داروا حولها و قام المعتصم بتقسيم عمورية بين قواده , و جعل لكل منهم أبراجا منها على قدر أصحابه , و علم أن موقعا من المدينة وقع سوره من سيل قد أتاه , فبني وجهه بالأحجار و لم يدعم ما وراءه فرأى المعتصم ذلك المكان فأمر فضربت له خيمة هناك و نصب المجانيق على ذلك الموضع , فانفرج السور عن ذلك الموضع و اندفع المسلمون و هم يكبرون , و تفرقت الروم عن أماكنها و قد غلبهم الرعب فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان حيث وجدوهم , و أخذ المسلمون من عمورية أموالاً لا تعد و لا توصف , فحملوا منها ما أمكن حمله , و أمر المعتصم بتهديم أبراجها , و إحراق ما بقي منها , و إحراق ما بقي من المجانيق و الآلات كي لا يتقوى بها الروم على شيء من حرب المسلمين , و كانت إقامته في عمورية خمسة و عشرين يوماً لا غير .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى