ابن الملك
صفحة 1 من اصل 1
ابن الملك
ابن الملك كان رجل من ملوك بني إسرائيل ، قد أعطي طول عمر و كثرة أموال و كثرة أولاد . و كان أولاده إذا كبر أحدهم لبس ثياب الشعر ، و لحق بالجبال ، و أكل من الشجر ، و ساح في الأرض حتى يأتيه الموت . ففعل ذلك جماعتين رجل بعد رجل ثم تتابع بنوه على ذلك .
و أصاب ولداً بعد كبر ، فدعا قومه ، فقال : إني قد أصبت ولداً بعد ما كبرت ، و ترون شفقتي عليكم ، و إني أخاف أن يتبع هذا سنة إخوته . و أنا أخاف عليكم إن لم يكن عليكم أحد من ولدي بعدي أن تهلكوا ، فخذوه الآن في صغر سنه ، فحببوا إليه الدنيا ، فعسى أن يبقى من بعدي عليكم . فبنوا له حائطاً فرسخاً في فرسخ ، فكان فيه دهراً من دهره . ثم ركب يوماً فإذا عليه حائط مصمت ، فقال : إني أحسب إن خلف هذا الحائط ناساً و عالماً آخر ، فاخرجوني أزدد علماً و ألقى الناس فقيل ذلك لأبيه ، ففزع و خشي أن يتبع سنة إخوته ، فقال : اجمعوا عليه كل لهو و لعب ، ففعلوا ذلك . ثم ركب في السنة الثانية ، فقال : لا بد من الخروج . فأخبر بذلك الشيخ ، فقال : أخرجوه . فجعل على عجلة و كلل بالزبرجد و الذهب و صار حوله حافتان من الناس . فبينما هو يسير إذا هو برجل مبتلى فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل مبتلى . فقال : أيصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له ؟ قالوا : كل خائف له قال : و أنا فيما أنا فيه من السلطان ؟ قالوا : نعم قال : أف لعيشكم هذا ! هذا عيش كدر . فرجع مغموماً محزوناً ، فقيل لأبيه ، فقال : انشروا عليه كل لهو وباطل حتى تنزعوا من قلبه هذا الحزن و الغم . فلبث حولا، ثم قال : أخرجوني ، فأخرج على مثل حاله الأول . فبينا هو يسير إذا هو برجل قد هرم ، و لعابه يسيل من فيه . فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل قد هرم . قال : يصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له إن هو عمر ؟ قالوا : كل خائف له . قال : اف لعيشكم هذا ! هذا عيش لا يصفو لأحد . فأخبر بذلك أبوه ، فقال : احشروا عليه كل لهو و باطل . فحشروا عليه فمكث حولاً ، ثم ركب على مثل حاله . فبينا هو يسير إذا هو بسرير تحمله الرجال على عواتقها . فقال : ما هذا قالوا : رجل مات . قل لهم : و ما الموت ؟ إيتوني به ! فأتوه به . فقال : أجلسوه . فقالوا : إنه لا يجلس . قال : كلموه . قالوا : إنه لا يتكلم . قال : فأين تذهبون به ؟ قالوا : ندفنه تحت الثرى . قال : فيكون ماذا بعد هذا ؟ قالوا : الحشر . قال لهم : و ما الحشر ؟ قالوا : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " ، فيجزى كل واحد على قدر حسناته و سيئاته . قال : و لكم دار غير هذه تجاوزون فيها ؟ قالوا نعم . فرمى بنفسه من الفرس و جعل يعفر و جهه في التراب ، و قال لهم : من هذا كنت أخشى ! كاد هذا يأتي علي و أنا لا أعلم به ، أما و رب يعطي و يحشر و يجازي ! إن هذا آخر العهد بيني و بينكم ، فلا سبيل لكم علي بعد هذا اليوم فقالوا : لا ندعك حتى نردك إلى أبيك . قال : فردوه إلى أبيه ، و كاد ينزف دمه . فقال : يا بني ! ما هذا الجزع ؟ قال : جزعي ليوم يعطى فيه الصغير و الكبير مجازاتهما ما عملامن الخير و الشر . فدعا بثياب فلبسها ، و قال : إني عازم في الليل أن أخرج . فلما كان في نصف الليل ، أو قريباً منه ، خرج . فلما خرج من باب القصر ، قال : اللهم ! إني أسألك أمراً ليس لي منه قليل و لا كثير ، قد سبقت فيه المقادير . إلهي ! لوددت أن الماء كان في الماء ، و أن الطين كان في الطين ، و لم أنظر بعيني إلى الدنيا نظرة واحدة .
و أصاب ولداً بعد كبر ، فدعا قومه ، فقال : إني قد أصبت ولداً بعد ما كبرت ، و ترون شفقتي عليكم ، و إني أخاف أن يتبع هذا سنة إخوته . و أنا أخاف عليكم إن لم يكن عليكم أحد من ولدي بعدي أن تهلكوا ، فخذوه الآن في صغر سنه ، فحببوا إليه الدنيا ، فعسى أن يبقى من بعدي عليكم . فبنوا له حائطاً فرسخاً في فرسخ ، فكان فيه دهراً من دهره . ثم ركب يوماً فإذا عليه حائط مصمت ، فقال : إني أحسب إن خلف هذا الحائط ناساً و عالماً آخر ، فاخرجوني أزدد علماً و ألقى الناس فقيل ذلك لأبيه ، ففزع و خشي أن يتبع سنة إخوته ، فقال : اجمعوا عليه كل لهو و لعب ، ففعلوا ذلك . ثم ركب في السنة الثانية ، فقال : لا بد من الخروج . فأخبر بذلك الشيخ ، فقال : أخرجوه . فجعل على عجلة و كلل بالزبرجد و الذهب و صار حوله حافتان من الناس . فبينما هو يسير إذا هو برجل مبتلى فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل مبتلى . فقال : أيصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له ؟ قالوا : كل خائف له قال : و أنا فيما أنا فيه من السلطان ؟ قالوا : نعم قال : أف لعيشكم هذا ! هذا عيش كدر . فرجع مغموماً محزوناً ، فقيل لأبيه ، فقال : انشروا عليه كل لهو وباطل حتى تنزعوا من قلبه هذا الحزن و الغم . فلبث حولا، ثم قال : أخرجوني ، فأخرج على مثل حاله الأول . فبينا هو يسير إذا هو برجل قد هرم ، و لعابه يسيل من فيه . فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل قد هرم . قال : يصيب ناساً دون ناس أو كل خائف له إن هو عمر ؟ قالوا : كل خائف له . قال : اف لعيشكم هذا ! هذا عيش لا يصفو لأحد . فأخبر بذلك أبوه ، فقال : احشروا عليه كل لهو و باطل . فحشروا عليه فمكث حولاً ، ثم ركب على مثل حاله . فبينا هو يسير إذا هو بسرير تحمله الرجال على عواتقها . فقال : ما هذا قالوا : رجل مات . قل لهم : و ما الموت ؟ إيتوني به ! فأتوه به . فقال : أجلسوه . فقالوا : إنه لا يجلس . قال : كلموه . قالوا : إنه لا يتكلم . قال : فأين تذهبون به ؟ قالوا : ندفنه تحت الثرى . قال : فيكون ماذا بعد هذا ؟ قالوا : الحشر . قال لهم : و ما الحشر ؟ قالوا : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " ، فيجزى كل واحد على قدر حسناته و سيئاته . قال : و لكم دار غير هذه تجاوزون فيها ؟ قالوا نعم . فرمى بنفسه من الفرس و جعل يعفر و جهه في التراب ، و قال لهم : من هذا كنت أخشى ! كاد هذا يأتي علي و أنا لا أعلم به ، أما و رب يعطي و يحشر و يجازي ! إن هذا آخر العهد بيني و بينكم ، فلا سبيل لكم علي بعد هذا اليوم فقالوا : لا ندعك حتى نردك إلى أبيك . قال : فردوه إلى أبيه ، و كاد ينزف دمه . فقال : يا بني ! ما هذا الجزع ؟ قال : جزعي ليوم يعطى فيه الصغير و الكبير مجازاتهما ما عملامن الخير و الشر . فدعا بثياب فلبسها ، و قال : إني عازم في الليل أن أخرج . فلما كان في نصف الليل ، أو قريباً منه ، خرج . فلما خرج من باب القصر ، قال : اللهم ! إني أسألك أمراً ليس لي منه قليل و لا كثير ، قد سبقت فيه المقادير . إلهي ! لوددت أن الماء كان في الماء ، و أن الطين كان في الطين ، و لم أنظر بعيني إلى الدنيا نظرة واحدة .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى